المعصية سبب نزول البلاء وتسلط الأعداء

كتبه/ ياسر برهامي*
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهل تدرون لماذا يحدث للمسلمين كلُّ ما يحدث في كل مكان؛ دماء تُسفك، وبلاد تُحتل، وبيوت تُهدم، وأمان يضيع... ؟!
الجواب في القرآن الكريم: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30). نسأل الله أن يعفو عنا.

لكن لما ترك المسلمون دينهم سلط الله عليهم مَن هو شر منهم عنده -وهم الكفرة المشركون-؛ ليرُد المسلمين إلى طاعته، ويرحمهم بما نزل بهم من مصائب، كما قال الله لبني إسرائيل لما سلط عليهم الكفرة المشركين حتى دخلوا المسجد الأقصى، ودمروه تدميرًا: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) (الإسراء:8).
"
لما ترك المسلمون دينهم سلط الله عليهم من هو شر منهم عنده؛ ليرُد المسلمين إلى طاعته، ويرحمهم بما نزل بهم من مصائب
"
وإذا كانت معصية الرماة في جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة "أحد" سببًا لنزول الهزيمة بالجميع، فكانت رحمة للشهداء الذين تمكَّن الكفار من التمثيل بجثثهم "تقطيع الأنوف وفتح البطون"، حتى حمزة سيد الشهداء، عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكَّن الله هند بنت عتبة من أن تمضغ جزءًا من كبده -وهي كافرة في ذلك الوقت-.
كل هذا بسبب معصية البعض، ورحمة بالباقين.
فهذا الذي يحدث يتحمل مسئوليته: كل ظالم صدَّ عن سبيل الله، ومنع الدعوة إلى الله أن تنتشر، وأعان على ظلم أولياء الله.
ويتحملها: كل مَن والى أعداء الإسلام فصار عبدًا عندهم، ومنفذًا لأوامرهم، ويقدِّم لهم العون والأرض والمساعدة على سفك دماء المسلمين، وكل مَن يرضى بذلك!
يتحمل المسئولية كل مَن يترك الصلاة ويُضيعها؛ فتحل النقمة على البلاد كلها.
يتحمل المسئولية كل من خان الأمانة ولم يراقب الله -سبحانه-، كل زانيةٍ وزانٍ، وسارقة وسارق، وكل متبرجة فاسقة أدى تبرجها إلى بُعد الناس عن الله، فظلموا؛ فسلط الله عليهم مَن هو أظلم، وزاد الظلم فسلط الله الكفار علينا -نسأل الله العافية-.
ونحن أيضًا مُقصِّرون؛ لأننا لم نصلح من أنفسنا بالقدر اللازم؛ هل صلينا بالليل ندعو للمسلمين من قلوبنا حتى يرفع الله عنهم البلاء؟!
هل تضرعنا إلى الله وشعرنا بأن إخواننا وأخواتنا وآباءنا وأمهاتنا هم الذين يحدث لهم ذلك؟!
"
أمة الإسلام لا تموت، والحق منها لا يضيع... ولكن الشرط أن يعود المسلمون إلى ربهم
"
لكن -على أي حال- أمة الإسلام لا تموت، والحق منها لا يضيع؛ فقد سقطت بغداد في أيدي التتار أيام "هولاكو" فقتل "1.8 مليون مسلم"، ثم انتصرت أمة الإسلام وأسلم التتار!
ويوم سقطت الأندلس وأبيد المسلمون فيها فُتحت "قسطنطينية" على يد "محمد الفاتح"!
ولكن الشرط أن يعود المسلمون إلى ربهم، وهذا أمر دائمًا يحدث -بإذن الله- بعد المصائب، فاتقوا الله في أنفسكم وإخوانكم، وأقيموا الصلاة لعلكم ترحمون.
وعسى أن تكرهوا شيئًا، ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت بجريدة "الفتح" الجمعة 2 شعبان 1433هـ - 22 يونيو 2012م.